قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( ذَاقَ طَعْم الْإِيمَان مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا
وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَسُولًا )
قَالَ صَاحِب التَّحْرِير رَحِمَهُ اللَّه :
مَعْنَى رَضِيت بِالشَّيْءِ قَنَعْت بِهِ وَاكْتَفَيْت بِهِ , وَلَمْ
أَطْلُب مَعَهُ غَيْره . فَمَعْنَى الْحَدِيث لَمْ يَطْلُب غَيْر اللَّه
تَعَالَى , وَلَمْ يَسْعَ فِي غَيْر طَرِيق الْإِسْلَام , وَلَمْ يَسْلُك
إِلَّا مَا يُوَافِق شَرِيعَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
. وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته فَقَدْ خَلَصَتْ
حَلَاوَة الْإِيمَان إِلَى قَلْبه , وَذَاقَ طَعْمه . وَقَالَ الْقَاضِي
عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : مَعْنَى الْحَدِيث صَحَّ إِيمَانه
وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نَفْسه وَخَامَرَ بَاطِنه ; لِأَنَّ رِضَاهُ
بِالْمَذْكُورَاتِ دَلِيل لِثُبُوتِ مَعْرِفَته وَنَفَاذ بَصِيرَته
وَمُخَالَطَة بَشَاشَته قَلْبه ; لِأَنَّ مَنْ رَضِيَ أَمْرًا سَهُلَ
عَلَيْهِ . فَكَذَا الْمُؤْمِن إِذَا دَخَلَ قَلْبه الْإِيمَان سَهُلَ
عَلَيْهِ طَاعَات اللَّه تَعَالَى , وَلَذَّتْ لَهُ . وَاَللَّه أَعْلَم .
وَفِي الْإِسْنَاد
الدَّرَاوَرْدِيُّ
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه فِي الْمُقَدِّمَة .
وَفِيهِ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن الْهَادِ
هُوَ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن أُسَامَة بْن الْهَادِ . هَكَذَا
يَقُولهُ الْمُحَدِّثُونَ الْهَادِ مِنْ غَيْر يَاء وَالْمُخْتَار عِنْد
أَهْل الْعَرَبِيَّة فِيهِ وَفِي نَظَائِره بِالْيَاءِ كَالْعَاصِي وَابْن
أَبِي الْمَوَالِي . وَاَللَّه أَعْلَم .
وَهَذَا الْحَدِيث مِنْ أَفْرَاد مُسْلِم رَحِمَهُ اللَّه لَمْ يَرْوِهِ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي صَحِيحه .