سؤال إلى كل من ادعى حب الله :
ما قيمة علم أسماء الله الحسنى وصفاته في قلبك؟ وكم بذلت الجهد لتعلمها من مصادرها الصحيحة ؟ وهل تستعملها لعلاج مشاكلك؟
السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لا
يخفى على مسلم عاقل فضل العناية بأسماء الله عز وجل وصفاته ، وأنه من
أجلها خلق الله عز وجل الخلق ، أي من أجل معرفة الله خلق الله عز وجل الخلق
ما هو دليلنا ؟
دليلنا
على ذلك قوله تعالى:{ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ
الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) } [الطلاق]
باب الأسماء والصفات سبب لإصلاح الذات ، فهذا الباب إذا خضته وفهمته و اعتنيت به كما ينبغي ، ناتجه وأثره عليك أن يصلح الله لك ذاتك.
واليوم
ونحن نعالج كثيرا من الأمراض النفسية ، نعالج الكثير من الابتلاءات في
عقولنا وتفكيرنا ، نعالج الاكتئاب الحاد ، ونعالج الوسوسة بدرجاتها ، نجد
أنه لا طريق إلا طريقا واحدا ، وهو ::
>> (( لو عرف القوم ربهم ، لأحسنوا الظن به )).
لأن
الاكتئاب في الغالب يأتي بسبب تفكير غير منتظم ، يأتي بسبب تشويش في
التفكير ، يأتي بسبب تسلط الشيطان على العبد ، فالجهل بالله عز وجل وكماله
وكمال أسمائه وصفاته وأفعاله ، وهذه الغفلة عن الله تعالى أثرها أن الإنسان
يجد نفسه لا يدري لماذا هو موجود ، لا يدري لماذا هذه الأحداث تدور حوله ،
مصفوفة من الحياة متتابعة تجري ، أحداثا تجري كل يوم ، والناس يدخلون
ويخرجون ، ويأكلون ، ويشربون ، وينامون ، ويتزوجون وينجبون ، فيمكن في وسط
هذا كله يقول أحدهم : لماذا هذا كله ؟؟
لو كان لا يعرف الله تعالى ؛ تنهار أمامه قيمة الحياة ، لا يعرف لماذا يعيش
فلما تكون قاعدة هذا الشخص صحيحة من جهة معرفته لله عز وجل ، كم سيدفع عن قلبه ونفسه من أفعال الشيطان ؟!
فأنت بأَمَس الحاجة لأن تعرف ربك ، لأنك عبد فقير لهذا الملك ، وليس لك ملك سواه
(( فلا يمكن أن يصلح أمرك إلا وأنت على بابه ))
فكوننا عشنا زمنا طويلا نعرف توافه الأمور ولا نعرفه ، هذا أحد الجرائم التي ارتكبها فينا من كان يرشدنا.
كان
المفروض في الإرشاد والتربية أن نـُرشَد لمعرفته ، لكن لا نجعل ذلك حجة
لنا ، فالعلم متوفر في زماننا ولله المنة ، وكتب فقه الأسماء الحسنى
متوافرة لمن أراد أن يصلح قلبه وعلاقته بربه
أخبرني أسألك بالله ....
ما أعظم شيء يمكن أن تعيش على إثره ؟ مَن هو الذي ترتبط به ؟
آثار صفات مَن هي التي تجري في حياتك ؟
أنت عبد لملك كامل الصفات ، فهل تعرف الملك ؟
هل تعرف كمال صفاته ؟
هل وقفت عند بابه كما يليق ؟ هل تعلقت به ؟
هل طفت حول رضاه ؟
هل سعيت وحفدت له حده لا شريك له ؟
أم أن قلبك تعلق بهذا أن يعطيك ، وهذا أن يسعدك ، وهذا أن يجبرك ، وهذا أن يرزقك !!
نجد أنفسنا مشتتون ، التشتت علامة الخلق اليوم ، المادية والتشتت علامة الخلق اليوم
فمن أجل أن تلم على نفسك شعث قلبك وتشتته لابد أن >>> تعرف الله
ابذل جهدك ، وافنِ عمرك في هذا العلم الشريف
لا تتكلم إلا عنه
ولا تترضّى إلا عنه سبحانه وتعالى
ولا تنسب نعمة إلا له
ولا تراقب إلا إياه
ولا تعمل إلا من أجله
ولا يشتاق قلبك صدق الشوق إلا لرؤيته سبحانه وتعالى
ولا تحمل هما شديدا إلا هم لقائه سبحانه وتعالى
سيكلمك ... وحدك ... ما بينك وبينه ترجمان
هل أنت حقا على يقين أنك ستقف مع الملك العظيم سيكلمك ما بينك وبينه ترجمان ؟؟!!
فماذا أعددت لهذا اليوم العظيم ؟
اعدّ له المعرفة به سبحانه
اتخذ عدوه عدوا ، حارب الشيطان ، لا تجعله يصف لك الرحمن بغير صفته .
اخبرني .. لماذا الاكتئاب والوسوسة وغيرها من الأمراض انتشرت في زماننا وفي بلاد المسلمين ؟
لكثرة التفكير في المستقبل
أفكر في حالتي ، أفكر في صحتي ، أفكر في الماضي ، وحصل لي وحصل لي ، وضغوط ضغوط ...
ولذلك في كثير مِن الأحيان نجد شخصا حليما أربعين سنة ، ثم مرة واحدة ترك أن يكون حليما ، لماذا ؟
إذا تراكمت خبرة مع عدم معرفة الله ... فما الناتج ؟؟؟ عقد نفسية
(( معاملة الخلق مع عدم معرفة الرب تساوي عقد نفسية ))
لكن لما تعرف الله عز وجل وتعامل الخلق تعرف أن عندما يأتي خيرا فمن الله وحده
والذي ينصرف من الله وحده
والذي يسئ ، أفسر في عقلي تفسيرا واضحا أن هذا سلطه الله علي ، بذنبي ( وما أصابكم من مصيبة فمن أنفسكم ويعفو عن كثير )
فما أفعل ؟؟ أصبر
لأن الله أخبرني{ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون } هذا فتنة عليك .. أتصبر ؟
أتصبر على حسن ظنك بالله ، على انتظار العطاء منه ؟ على انتظار الجبر منه ؟
حتى مستقبلك ، حتى التفكير فيه فتنة ، هل تستطيع أن تحكم على اليوم الواحد حتى تحكم على المستقبل ؟
فعندما تعتمد على غير الله في اتخاذ قرار ماذا يحصل لك ؟
>> من تعلق شيئا وُكل إليه.
هل لا نستشير ؟؟
بل استشر ، فالاستشارة عبادة ، لكن ليس على أساسها تقرر ، لابد من الانكسار بين يدي الملك الذي يصرف الأمور كلها .
فتأتيك الأسباب والظواهر حولك من أجل ماذا؟
من أجل أن تندفع إليه سبحانه وتعالى ، تأتيك الأسباب لتندفع إلى بابه ، حتى تقول له:
(( نجنا يا رب ))
لأن في النهاية لا يقع إلا ما يريده الله ، لا يقع إلا ما كتبه الله .
فلا تقلق ، لا تكن مكتئبا ، على ماذا؟ حلّل المواقف ، على أي شيء أنت مكتئب؟
إذا كان هناك شيء يُحزِن ، تحزننا علاقتنا بالله ، هذا ممكن أن يحزننا ، والحل ؟؟
لا تكتئب أيضا ، باب التوبة مفتوح ، تب من هجران معرفة الله تعالى
واجعل
التوبة تدفعك لمعرفة الله عز وجل وتحقيقها ، لأننا لا نريد مجرد معرفة ،
فيسمّع أحدهم الأسماء كما هي موجودة في الجداول ، أو أحدهم يعرف معانيها ،
أو آخر يدخل مسابقة ويكتبها ، بل نريد معايشة لمعاني الأسماء في الحياة
(( تفسير الحياة عن طريق أسماء الله عز وجل ، وطرد الشيطان عن طريق معرفة الرحمن))
عدوك كيف يستولي عليك ؟
كيف يسوّد الدنيا في وجهك ؟
كيف يجعل الأخطاء البسيطة جرائم ، ويجعل الجرائم العظيمة في حق الله لا شيء ؟
فمعرفتك للرحمن تجعلك صالحا لمعايشة الدنيا ومصائبها ، والكَبَد الذي فيها ، والنقص الموجود فيها ، والأحزان الموجودة فيها
فتعيش صابرا وأنت كلك أمل وحسن ظن بالله ، وكل همك أن تلقى الله ويكون عنك راضٍ
وتكون أنت النفس المطمئنة الراضية عن ربها التي سيرضّيها ربها في جنات النعيم
نسأل الله العظيم من فضله.