من فوائد بن القيم رحمه الله عليه تعالى معى اخى الكريم
يا عجبا لك أيها الإنسان
من أعجب الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه ، وأن تسمع داعيه ثم
تتأخر عن الإجابة ، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تعامل غيره ، وأن
تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له ، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لاتطلب
الأنس بطاعته ، وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه ،
ثم لا تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته ، وأن تذوق العذاب عند تعلق
القلب بغيره ، ولاتهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة إليه ، وأعجب من
هذا علمك أنك لابد لك منه ، وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض ، وفيما
يبعدك عنه راغب
في جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين
تقوى الله وحسن الخلق )
جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق
لأن تقوى الله يصلح مابين العبد وبين ربه وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين
خلقه ، فتقوى الله توجب له محبة الله ، وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته
في الطريق إلى الله تعالى
بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين خطوة عن
نفسه وخطوة عن الخلق ، فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس ، ويسقط
الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى
الطريق الموصلة إليه.
صاح بالصحابة واعظُ ( اقترب للناس حسابهم )-
الأنبياء17- فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر العيون (فسالت أوديةٌ
بقدرها)-الرعد17- تزينت الدنيا لعلي ، فقال : أنت طالقٌ ثلاثاً لارجعة لي
فيك ، وكانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور الهوى جواز
المراجعة ، ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل ، كيف وهو أحد رواة
حديث " لعن الله المحلل ".
مافي هذه الدار موضع خلوة فاتخذه في
نفسك ، لابد أن تجذبك الجواذب فاعرفها وكن منها على حذر، لا تضرك الشواغل
إذا خلوت منها وأنت فيها ، نور الحق أضوأ من الشمس فيحق لخفافيش البصائر أن
تعشو عنه ، الطريق إلى الله خال من أهل الشك ومن الذين يتبعون الشهوات ،
وهو معمور بأهل اليقين والصب ، وهم على الطريق كالأعلام ( وجعلنا منهم
أئمةً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) – السجدة 24
في قوله صلى الله عليه وسلم "فاتقوا الله
وأجملوا في الطلب"
جمع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " فاتقوا الله
وأجملوا في الطلب " بين مصالح الدنيا والآخرة ونعيمها ولذاتها ، إنما ينال
بتقوى الله وراحة القلب والبدن وترك الاهتمام والحرص الشديد والتعب والعناد
والكد والشقاء في طلب الدنيا إنما ينال بالإجمال في الطلب ، فمن اتقى الله
فاز بلذة الآخرة ونعيمها ، ومن أجمل في الطلب استراح من نكد الدنيا
وهمومها فالله المستعان
قد نادت الدنيا على نفسها***لوكان في ذا
الخلق من يسمـعُ
كم واثق بالعيش أهلكتــه***وجامع فرقت
مايـــجمـــــــــعُ
معنى قوله تعالى " والذين جاهدوا فينا
لنهدينهم سبلنا" )
قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)-
العنكبوت 69- علق سبحانه الهداية بالجهاد ، فأكملُ الناس هدايةً أعظمهم
جهاداً ، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا ،
فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى حنته ، ومن
ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ماعطل من الجهاد. قال الجنيد : " والذين
جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لتهدينهم سبل الإخلاص ، ولايتمكن من جهاد عدوه
في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطناً ، فمن نصر عليها نصره على عدوه ،
ومن نصرت عليه نصر عليه عدوه
قاعدةٌ جليلةٌ }
( ومن يتوكل على الله
فهو حسبه
من اشتغل بالله عن نفسه ، كفاه الله مؤونة نفسه ، ومن
اشتغل بالله عن الناس ، كفاه الله مؤونة الناس ، ومن اشتغل بنفسه عن الله ،
وكله الله إلى نفسه ، ومن اشتغل بالناس عن الله ، وكله الله إليهم
في علامة صحة الإرادة
علامة صحة الإرادة : أن يكون هم المريد رضى ربه ،
واستعداده للقائه ، وحزنه على وقت مر في غير مرضاته وأسفه على قربه والأنس
به . وجماع ذلك أن يصبح ويمسي وليس له هم غيره
لاتنسونا من صالح الدعاء جمعنا بهم الله يوم القيامة فى جنة الخلد